باريس سان جيرمان ودورتموند .. متناقضان مرشّحان للتشابه!

تحديثات مباشرة
Off
2024-05-07 11:51
من مباراة باريس سان جيرمان ودورتموند في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا (X/BVB)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

يخوض باريس سان جيرمان ودورتموند موقعة حاسمة من أجل تحديد المتأهل منهما إلى نهائي دوري أبطال أوروبا وذلك بعدما انتهت موقعة لقاء الذهاب بفوز الفريق الألماني بهدف نظيف.

دورتموند سبق له أن توج بلقب دوري أبطال أوروبا عام 1997 بعد الفوز على يوفنتوس في نهائي دوري الأبطال، قبل أن يخسر نهائيًا آخر أمام غريمه بايرن ميونخ في 2013 وهو نفس الفريق الذي تسبب في إضاعة أول فرصة لباريس للتتويج في المباراة النهائية لعام 2020.

بوروسيا دورتموند والمشروع الألماني الذكي

بعد أن وصل هانز يواخيم فاتسكه إلى سدة الحكم في بوروسيا دورتموند بعد تعيينه رئيسًا للنادي في عام 2005، عمل النادي الألماني على مشروع طويل الأمد لتطوير المواهب.

ففي الوقت الذي لا يمكن فيه لدورتموند أن ينافس بايرن ميونخ اقتصاديًا، كان هذا هو الاختيار المنطقي للفريق الأصفر لتكوين فرق شابة قادرة على مقارعة النادي البافاري والمنافسة في أوروبا والوصول إلى أدوار متقدمة على غرار ما سيحدث الليلة في نصف نهائي مثير بين باريس سان جيرمان ودورتموند على معقل "بارك دي برانس".

بالطبع لم يكن هذا الأمر ليتطور من دون وصول يورغن كلوب، ليضع الفريق في وضعية المنافس بجدية على اللقب ويحقق لقبي "بوندسليغا" متتاليين، أسهما بشكل قوي في رسم الصورة التي عليها الفريق حتى الآن.

مشروع دورتموند يعمل على جبهتين. الأولى داخلية في ألمانيا بتطوير قطاع الناشئين داخل النادي مع العمل على انتداب المواهب التي لا ينتبه إليها بايرن ميونخ، أو تلك التي تعلم أنّ مسيرتها قد تتراجع إن انضمت إلى الأخير، بالنظر لعدم وجود فرصة حقيقية للعب باستمرار والتطور.

بعيدًا عن انشغاله بموقعة باريس سان جيرمان ودورتموند الليلة، تكمن مشكلة "الجراد الأصفر" في الوقت الحالي أن عدة أندية باتت تنافسه في الجزء الثاني من الشق الداخلي، مع صعود نجم لايبزيغ وآينتراخت فرانكفورت، حيث لم تعد الأمور بتلك السهولة.. أضف إلى ذلك الموسم المذهل الذي قدمه باير ليفركوزن وكذلك موسم عودة شتوتغارت ما قد يزيد من متاعب النادي الأصفر الذي تأهل لدوري أبطال أوروبا فقط بسبب النظام الجديد الذي سمح له بالحضور خامسًا.

أما الجزء الآخر فتعلق بانتداب المواهب التي تبرز من الدوريين الفرنسي كما كان الحال مثلًا مع عثمان ديمبلي وبيير أوباميانغ ورفاييل غيريرو، وكذلك لاعبين من عدة دوريات أوروبية أخرى أقل شأنًا وهي التي قد تجد في دورتموند تطورًا لمسيرتهم، كما لا يكلفون خزينة الألمان مبالغ ضخمة في المعتاد.

علاوة على ذلك، فهم اقتصادي عميق للسوق في إنجلترا بالبحث عن مواهب إنجليزية أو تدرجت في أكاديميات ليتم تكثيف عملية البحث هناك، ومع السمعة الكبيرة لدورتموند في تطوير المواهب ومنحها الفرصة، كان حدوث غير المعتاد معتادًا في السنوات الأخيرة بعدما تم جلب جود بيلينغهام من فريق الدرجة الثانية بيرمنغهام، مع إيمان كبير بموهبته وبإمكانية إعادة بيعه بسعر ضخم بالنظر للاهتمام المتوقع لأندية إنجلترا وهو ما ساعد دورتموند على بيعه بالسعر الذي يريده إلى ريال مدريد في نهاية المطاف والذي بلغ أكثر من 100 مليون يورو.

الأمر نفسه سبق أن حدث مع جادون سانشو الذي انتقل إلى مانشستر يونايتد بمبلغ يفوق الـ100 مليون يورو أيضًا، ثم أعيد انتدابه على سبيل الإعارة مع ازدياد فرص استمراره، والآن يتم إعداد نفس الشيء مع لاعب جيمي بينو جيتنس، الذي تم ضمه هو الآخر من أكاديمية مانشستر سيتي، تمامًا مثلما حدث مع سانشو.

وهناك لاعب آخر جمع بين التجربة المحلية والتجربة الإنجليزية هو فيليكس نميتشا، الذي تم ضمه من فولفسبورغ لكنه خريج أكاديمية مانشستر سيتي ويحمل الجنسية الإنجليزية، وهي كلمة السر السحرية في هذا النوع من الصفقات.

باريس سان جيرمان.. فكرٌ مُختلف

المشروع الحالي للباريسيين بدأ منذ أن اشترى المُلاك القطريون النادي ليُحدثوا طفرة هائلة في مسيرته، بعدما نُقل من مصاف أندية ما فوق المتوسط إلى نادٍ يهيمن تمامًا على مقدّرات الكرة الفرنسية ولا تفلت منه بطولة محلية إلا في استثناءات بسيطة طوال أكثر من عقدٍ من الزمان، علاوة على حضور أوروبي ملموس على غرار قمة الليلة بين باريس سان جيرمان ودورتموند.

الأمر تم بشكل رئيسي بانتداب عدد من النجوم المميزين خاصة من الدوري الإيطالي كما كان الحال مع زلاتان إبراهيموفيتش وتياغو سيلفا وإزكييل لافيتزي وإدينسون كافاني وماركينيوس وكذلك مع النجم الصاعد ماركو فيرّاتي، ليتحول المشروع بنقلة هائلة بانتداب هز أركان الكرة الأوروبية –وما يزال يُحدث أثرًا لم ينتهِ حتى الآن- بضم النجم البرازيلي نيمار من برشلونة.

من بعد هذا الانتداب صار باريس سان جيرمان وجهة كبيرة جدًا لنجوم الشباك الأوروبيين ليتوافد على مدار السنوات التالية نجوم بارزون جدًا أهمهم الأسطورة ليونيل ميسي إلى جانب سيرخيو راموس ودوناروما، لكن باريس لم يكن يفوت أبدًا فرصة التعاقد مع لاعبين فرنسيين مهمين في نفس السنوات حتى تسنت له فرصة ضم النجم الكبير كيليان مبابي الذي فاز به باريس من موناكو بعد منافسة مع ريال مدريد، وهو النجم الأبرز الذي يحمل على عاتقه مسؤولية "الريمونتادا" في مواجهة الليلة بين باريس سان جيرمان ودورتموند.

يبرز هنا التناقض الكبير بين مشروعي بوروسيا دورتموند وباريس سان جيرمان الذي عكف على ضم نجوم يحملون خبرات كبيرة في المعتركات القارية الأوروبية، أملًا في الفوز بالكأس "ذات الأذنين" التي لم يفز بها أي نادٍ فرنسي سوى مارسيليا برأسية باسيل بولي الشهيرة في مرمى ميلان.

لكن لأسباب كثيرة لم يتحقق ما تصبو إليه إدارة باريس حتى الآن، رغم أن الفريق كان على مرمى حجر من الفوز بها في نهائي 2020، ربما لولا مانويل نوير، أو ربما بعد ذلك لعدم ذوبان الكيمياء بشكل سلس بين كل هؤلاء النجوم، وكذلك مع بعض الأخطاء التحكيمية تجاه باريس في عدة مباريات مفصلية.

هل يمكن أن يتشابه مشروعا باريس سان جيرمان ودورتموند ؟

الآن الـ"بي.أس.جي" فقد عددًا كبيرًا من هذه النجوم، سيلتحق بهم كيليان مبابي مع نهاية الموسم بنسبة تزيد عن الـ99%، ومن ثم يمكن أن يعيد إطلاق مشروعه مستغلًا كنزًا ثمينًا على بعد كيلومترات منه.

باريس مرشح وافر الحظ بأن يعيد تكرار مشروع بوروسيا دورتموند بشكل أسهل من خلال مشروع كليرفونتين، وهي إحدى ضواحي باريس الكبرى التي يوجد بها مقر المركز التدريبي للمشروع الوطني للمواهب، والذي تم نقله من فيشي قبل عقود إلى ضواحي باريس ليُخرج هذا المشروع عددًا هائلًا من المواهب الفرنسية التي لا تنتهي بل ووصل الحال إلى أن تستفيد دولٌ أخرى من هذا المشروع من خلال المهاجرين الذين لعبوا لبلدانهم الأصلية.

المشروع ببساطة كان يعكف على انتقاء المواهب وتطويرها، ولأن ضواحي باريس الكبرى هي معقل المهاجرين إلى فرنسا فقد كان طبيعيًا أن يكون هذا المشروع وجهتهم الأولى نحو التطور علمًا بأن كيليان مبابي نفسه كان أحد خريجي هذا المشروع.

وبضم أهم المواهب من هذا المشروع وغيره، فإن باريس يمكنه أن يثبت لكثيرٍ من المواهب أنه قادر على منحهم الفرصة التي يبحثون عنها، مع المحافظة بالتأكيد على توجهه بضم اللاعبين المميزين من أوروبا شريطة التفكير بشكل أكثر هدوءً في الأسماء التي يمكن أن تفيد الفريق فعلًا، بعد أن استقر اسم الفريق بين كبار القارة بالفعل ولم يعد وجود النجوم بكثافة شرطًا رئيسيًا ليُحدث هذا الفارق.

تظل مواجهة بوروسيا دورتموند مفصلية جدًا للباريسيين تجاه الاستمرار في المنافسة على هذه المكانة؛ إذ بِها يظل مشروع النادي الفرنسي مقنعًا للكثير من النجوم والمواهب، وحتى إن قدموا بعض التنازلات باللعب في الدوري الفرنسي الأقل شأنًا من الرباعي الكبير، فإن المجد الأوروبي قد لا يكون بعيدًا عنهم، لكن عليهم أولًا أن يتخطوا دورتموند ثم ينظروا ماذا هم فاعلون في مباراة ثأرية مع واحد من المتمرسين في أوروبا ريال مدريد أو بايرن ميونخ، فباريس يمتلك حسابًا لم يتم تسويته بعد مع كليهما!

شارك: