المنتخب المغربي والمصير المجهول في الأدغال الأفريقية!

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-10-18 11:33
أرشيفية- لاعبو المنتخب المغربي (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أكاد أرتعد خوفاً وهلعاً على أسود الأطلس، ونحن نقف أمام منتخب وطني وأسود تفتقد للشراسة في أول محك حقيقي بعد مونديال قطر، ضد منتخب كوت ديفوار، بالرغم من تفوقه على ليبيريا المنتخب المتواضع جدًا، والمصنف 152 عالميًا، من الخطأ الاعتقاد أن التألق بالمونديال هو مفتاح للسيطرة على أفريقيا، بينما الحقيقة التي يجب أن يستوعبها الجميع، تتمثل في كون الواجهة الدولية تختلف جملة وتفصيلًا عن أفريقيا، قارتنا وهويتنا، ومن الضروري أن نستحضر حقائقها ومعطياتها، بكثير من الحرص والتركيز.

سيقول قائل إن تأثير الأجواء الأفريقية على لاعبي الأسود بحكم أن أغلبهم يمارس في أندية أوروبية، فهذا العامل لا يجب أن يبقى عائقًا للمنتخب، فكتيبة الركراكي "تعلم تمامًا أنها تعيش في بيئة أفريقية وأن أول الإنجازات تنطلق منها، ويجب أن نكف عن هذا الحديث وعن المناخ والملاعب".

فالمباراة الإعدادية بأبيدجان ضد كوت ديفوار، جعلت الجميع يخرج أخيرًا بقناعة راسخة، بأن مهمة كأس أفريقيا القادمة لن تكون سهلة أبدًا، وتتطلب إعدادًا مختلفًا، وتكتيكًا مغايرًا، وأداء لاعبين لا علاقة له بما سبق.

وقبل المباراة ضد الإيفواريين، فكل المباريات التي أعقبت المونديال القطري، وجد خلالها أسود الأطلس صعوبة كبيرة سواء الودية منها، أو شبه الرسمية التي خاضوها، عن ما تبقى من تصفيات "الكان".

وباستثناء المباراة الاستعراضية ضد منتخب البرازيل بطنجة، فباقي المواجهات اختلفت، ولم تقوَ خلالها العناصر الوطنية على فرض إيقاعها المألوف، تعادل صفر لصفر ضد البيرو و"الكاب فيردي"، هزيمة أمام جنوب أفريقيا بالرباط، وفوز صغير على حساب بوركينا فاسو بفرنسا، وفوز على ليبيريا المنتخب (الصغير).

سلسلة نتائج تمنح المتتبع مؤشرات مهمة، كما تعطينا دلالات عميقة، حول مسار المنتخب ما بعد المونديال القطري، فحتى في حالة تحقيق الفوز، فإن الحصة عادة ما تكون صغيرة، وتعرف صعوبة بالغة.

وبالرغم من انتهاء المباراة ضد كوت ديفوار بالتعادل بهدف لمثله، وتجنب الهزيمة خلال الدقائق الأخيرة، فإن مجرياتها أظهرت تفككًا واضحًا، وارتباكًا ملحوظًا بجل الخطوط، إلى درجة يتخيل للمشاهد أننا أمام منتخب آخر، غير الذي تابعناه بكثير من الإعجاب خلال كأس العالم.

ظهور ارتباك غير مفهوم على الحارس ياسين بونو، دفاع مفكك، خط وسط غائب، عناصر الهجوم تائهة، لا تعرف ماذا تقدم وما تؤخر، ولولا الخطأ الذي ارتكبه وسط الدفاع الإيفواري، ما كان لأيوب الكعبي توقيع هدف التعادل، وتجنب الخسارة، مع أن خط هجوم المحليين، كان بإمكانه تسجيل أكثر من فرصة سانحة.

وأي متتبع يتصف كلامه بالموضوعية، عليه الاعتراف بأن مجموعة من اللاعبين الأساسيين، تراجع عطاؤهم بشكل كبير، ولم يعد بإمكانهم تقديم نفس عطاء المونديال، ولا حتى الاقتراب منه.

هناك لاعبون حضروا بأداء مقبول، في المقدمة المدافع الأوسط نايف أكرد، ولولا تدخلاته الحاسمة، لكانت الحصة ثقيلة، أضف إلى ذلك اللاعبين أمين عدلي وأمين حارث، حاولا تقديم الأفضل، وكان بإمكانها البروز بمستوى لافت، إلا أن سوء التوظيف، حال دون ذلك.

هذه هي الحقيقة كما هي، وما على المدرب وليد الركراكي ومن معه، سوى التركيز على العمل المطلوب منهم،  فبعد ثلاث أشهر عن موعد أول مباراة بكأس أفريقيا، عليه نسيان ما تحقق بقطر، والتركيز على ما هو أفريقي.

لقد خلفت مواجهة كوت ديفوار ردود فعل منتقدة، للعرض الذي قدمه أصدقاء العميد غانم سايس، إلى درجة أن تخوفًا كبيرًا قد ساد، في إمكانية المنافسة على اللقب القاري.

هذا اللقب الأفريقي الذي تحول إلى مطلب ملح، بعد انتظار دام سنوات، اعتقد الجميع بعدها، أن الحلم اقترب من التحقيق، وأن التألق الباهر بالمونديال، يعد بمثابة مفتاح للسيطرة على أفريقيا، وأن المنتخب المغربي، أصبح هو المرشح الوحيد فوق العادة.

إلا أن الترشيحات شيء، والواقع شيء آخر، وهذا ما أظهرته كل المباريات سواء الودية أو شبه الرسمية، التي أجرتها العناصر الوطنية بعد المشاركة الناجحة بكأس العالم؛ إذ وقف كل المتتبعين عن تراجع في الأداء، وافتقاد الفعالية بمختلف الخطوط.

ففي الوقت الذي اضطر فيه وليد الركراكي، إلى تغيير النهج التكتيكي الذي اتبعه خلال مباريات المونديال، والاعتماد على إغلاق الممرات والتركيز على الهجمات السريعة الخاطفة، وجد  صعوبة كبيرة في إيجاد بديل ناجع، يحفظ لـ"مفاجأة المونديال" قيمته وهيبته؛ فالأسلوب الذي مكن من أبطال فعاليات الخصوم بملاعب قطر، أصبح يطبق بالحرف ضد كتيبة الركراكي، ليظهر العجز واضحًا، بعدم التمكن من تجاوز تكتيك إغلاق الممرات، والاكتفاء بتصيد أخطاء الخصوم.

والأكيد، فالمدرب وليد الركراكي مطالب بإيجاد تكتيك بديل، واختيار قطع غيار جديدة، قادرة على حفظ التوازن بكل الخطوط، وعلى وليد أن يكف من السباحة ضد التيار، والتحليق في الفضاء، لأن الواقع الكروي الأفريقي غير ما تتوقعه، مع وجوب "إبداء الاحترام لكل المنافسين" وعدم القول: "هذه مجموعة سهلة أو في المتناول"، وعدم تجاوز المنتخب المغربي لدور المجموعات في نهائيات كأس أفريقيا سيكون "كارثة"، نظرًا لما أبان عليه في المونديال وفي النسخ الأخيرة من كأس أفريقيا.. كرة القدم تتطلب "التواضع" (يا رأس الأفوكا) كما أطلقها على نفسه.

آخر الكلام

إنني مؤمن بأن التميز لا يأتي دون تعب واجتهاد، وأحياناً تعثر وسقطات، أو حتى تذوق لمرارة الفشل، لذلك ليس بالضرورة أن ننجز جميع مهامنا بنجاح أو بشكل احترافي.

قد تمر علينا قائمة طويلة من الإخفاقات في مسيرة حياتنا، فهل نقابلها بالاستسلام والضعف والتراجع؟ هل نجعل الفشل والسقوط في بعض المحطات يؤثر علينا ويمنعنا من النجاح؟ لو نظرنا من حولنا لوجدنا أن العظماء والناجحين كل واحد منهم لديه قصة مملوءة بالمعاناة والإخفاقات، ولكن جعل منها دافعاً للمثابرة والنجاح والشهرة، لذلك في حالات السقوط والفشل والإخفاقات يتساءل البعض كيف نتصرف؟ وما العلاج؟

ببساطة يمكنك أن تعاود الكرّة مرة أخرى، لا تحبط نفسك، لا تقلل من قيمة تجربتك ولا فشلك، فقد يكون السقوط أحياناً جميلاً وأنيقاً، وقد تتعلم منه ما يمكن أن يفيدك ويساعدك على تجاوز الأزمات، وتذكر مقولة المؤلف والشاعر الإنجليزي صامويل جونسون: "إنني وإن هزمت، إلا أنني لم أستسلم".

شارك: