المغرب ونهيلة بنزينة يدخلان تاريخ مونديال السيدات

تحديثات مباشرة
Off
تاريخ النشر:
2023-07-31 14:17
فرحة لاعبات المغرب بالفوز على كوريا الجنوبية في مونديال السيدات (Getty)
سعد مبروك كاتب مقالات في winwin
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

"كرة القدم مثلًا لعبة منتشرة جدًا الايام دي.. لكن على الستات صعبة وفيه دليل قاطع عندي".

تذكرت وأنا أشاهد مباراة كرة القدم التي جمعت يوم الأحد 30 يوليو /تموز 2023 منتخب المغرب والعرب بنظيره الكوري الجنوبي ضمن دور المجموعات لمونديال أستراليا ونيوزيلاندا للسيدات، كلمات مونولوج "الستات" للفنان الفكاهي المصري أحمد غانم، والتي كنا نرددها بعفوية وابتسامات بريئة بعد أن وصلت إلى مسامعنا عبر الإذاعة والتليفزيون في ستينيات القرن الماضي. حينها كنا أيضًا نداعب المستديرة في فناءات منازلنا مع أخواتنا وأمهاتنا وبنات وأبناء الحي، ثم على أرضيات ملاعب المدارس الابتدائية والمعاهد، وكان معنا ثمة فتيات يفُقننا لياقةً بدنيةً ومهارات فنيةً.

حينها كنا نؤكد بذلك أيضًا ودون أن ندري على أن "الصعب" ليس "مستحيلًا" على عكس ما كانت توحي به كلمات ذاك المونولوج.

بخطى بطيئة ووسط صعوبات كثيرة شقت كرة القدم العربية طريق انتشارها بنجاحات نسبية ومتفاوتة توجت ببلوغ لبوءات الأطلس نهائيات مونديال 2023 للسيدات كأول منتخب عربي نسائي يتأهل إلى هذه البطولة.

ليس ذلك فحسب بل تمكن المنتخب المغربي، يوم الأحد، من تحقيق فوز تاريخي بهدف نظيف على منتخب سيدات كوريا الجنوبية في الجولة الثانية من منافسات دور المجموعات هو الأول للمغرب وللعرب أيضًا.

بهذه المشاركة وهذا الفوز دخل منتخب سيدات المغرب لكرة القدم التاريخ، كما دخلت التاريخ مدافعته، اللاعبة نهيلة بنزينة ابنة الخمسة وعشرين ربيعًا والمحترفة في فريق الجيش الملكي للسيدات بالرباط، كأول لاعبة تشارك في نهائيات مونديال السيدات بالحجاب.

تصدرت مشاركة نهيلة منذ يوم هذا الأحد عناوين الصحف ووسائل الإعلام العربية والإسلامية والعالمية، ذلك أن خوضها المباراة مرتديةً الحجاب يمثل حدثًا استثنائيًا وغير مسبوق في تاريخ كرة القدم النسائية ويفتح آفاقًا جديدةً للاعبات المسلمات.

كما أن ارتداء نهيلة الحجاب يشكل محطة إضافية مهمة تمهد لتمثيل أكبر للنساء في عالم رياضة كرة القدم خاصةً وفي عالم الرياضة عمومًا، علاوةً على أنه انتصار جلي في "المعارك" التي خاضتها وما تزال تخوضها لاعبات كرة القدم المسلمات لافتكاك حقهن في لعب المباريات المحلية والإقليمية والدولية بالحجاب. 

معارك ظهرت إلى العلن، بشكل خاص، منذ عام 2007 عندما منع حكم، وهو مسلم وفقًا لما كشفت عنه وسائل الإعلام الكندية، فتاةً كندية مسلمة من ارتداء الحجاب خلال مباراة لكرة القدم استنادًا إلى قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" التي كانت تحظر لباس الحجاب حفاظًا على سلامة اللاعبات وتفاديًا لوقوع إصابات، ثم ليكون خاليًا من أي تعبير ديني أو سياسي. 

رفضت الفتاة أسمهان منصور، 11 عامًا، نزع الحجاب وساندها على الفور "لويس مانيرو" مدرب فريقها المنتمي إلى مدينة أوتاوا عاصمة إقليم أونتاريو والذي كان يشارك في البطولة التي كانت تقام حينذاك في مدينة "لافال" بمقاطعة كيبيك الكندية، فقرر الانسحاب من المباراة ومن البطولة كلها، وكذلك فعلت أربعة فرق من العاصمة الفيدرالية الكندية أونتاريو. 

وقدمت اللاعبة الكندية ومعها الاتحاد الكندي لكرة القدم طعنًا في قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم كما بذل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم جهودًا كبيرة ومكثفة من أجل رفع الحظر على ارتداء الحجاب. جهود أتت أكلها في عام 2014 باتخاذ "فيفا" قرارًا تاريخيًا يسمح بارتداء الحجاب خلال المنافسات الدولية.

وكان لافتًا تذكير الاتحاد الدولي لكرة القدم، وبكل اللغات، أيامًا قليلةً قبيل انطلاق نهائيات مونديال أستراليا ونيوزيلاندا 2023 بالسماح للاعبات بارتداء الحجاب خلال مباريات كأس العالم. 

تذكير بدا وكأنه رد غير مباشر من "فيفا" على عدد من الدول التي ما تزال تحظر ارتداء الحجاب خلال مباريات دورياتها، وفي مقدمتها فرنسا التي أكد مجلس الدولة في 29 يونيو/ حزيران 2024 إقرار حظر الحجاب على اللاعبات المسلمات اللاتي يردن لباسه خلال مباريات كرة القدم النسائية في البلاد، وذلك في إطار قضية تدور فصولها في فرنسا منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بسبب طعن مجموعة النساء المسلمات تسمى "المحجبات Les Hijabeuses" في شرعية المادة الأولى من لوائح الاتحاد الفرنسي لكرة القدم التي تمنع "ارتداء أي علامة أو ملابس تظهر بوضوح الانتماء السياسي أو الفلسفي أو الديني أو النقابي".

كل معارك اللاعبات لم تنتهِ بعد. والطريق "صعب"، لكن نهيلة بنزينة العربية المغربية وضعت لبنةً جديدةً في بناء مستقبل أفضل للعبة كرة قدم "للستات"، مؤكدةً أن ذلك ليس "مستحيلًا".

شارك: