العالم يهتز بعد ليلة القبض على البرازيل في المغرب!
أحدث فوز المنتخب المغربي على نظيره البرازيلي، ضجة كبيرة لدى الأوساط الرياضية العالمية، وزلزالًا أحدث رجة قوية، وقلب كل الموازين، والنظريات، في جميع وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
لأن هذا الانتصار التاريخي وقع غير مسبوق، خصوصًا عندما انصبت معظم التوقعات على فوز المنتخب البرازيلي المرشح وبقوة في تحقيق الفوز في أولى مبارياته، بعد خروجه المذل أمام كرواتيا في قطر، وتربعه على عرش الترتيب العالمي.
عادة ما تدخل المنتخبات العربية في حالة "هبوط" غريب، بعد التألق في بطولة عالمية مثل كأس العالم، لكن رابع المونديال المنتخب المغربي لم يظهر أي نية بإبطاء وتيرة الانتصارات، وضرب المنتخب المصنف الأول عالميًا البرازيل، في طنجة؛ فالمنتخبات العربية عودتنا الدخول في دوامة "هبوط المستوى"، بعد تقديمها أداءً موندياليًا قويًا، وهو كان مصدر القلق الرئيسي تجاه المغرب.
المنتخب المغربي قدم جيلًا ذهبيًا حقيقيًا في مونديال 1998، وانتصر على اسكتلندا باكتساح، وتعادل مع النرويج، وخسر أمام البرازيل، فخرج بطريقة مثيرة للشكوك، اتهمت فيها البرازيل بالتساهل مع النرويج.. الجميع توقع اكتساح المغرب للكرة العربية أو الأفريقية، لكن ما حصل هو التخبط المستمر.. المغرب فشل بعبور دور المجموعات في بطولة الأمم الأفريقية عام 2000، كما فشل بالوصول لمونديال 2002، وانتظر 20 عامًا حتى عاد للمشاركة في المونديال عام 2018.
لكن يظهر أن الركراكي فطن لهذا العامل، لأن المحافظة على التوازنات داخل قلعة الأسود تحتاج إلى آليات واحترافية، وهو ما تأكد بجلاء وهم يقبضون على البرازيل في ليلة ساحرة رمضانية ووقفوا ندًا أمام نجوم السيليساو، خصوصًا جناحا ريال مدريد الإسباني فينيسيوس جونيور ورودريغو، وتمكنوا من تحقيق فوز مستحق على المصنف أول عالميًا هو الأول لمنتخب عربي على بطل العالم خمس مرات.
المنتخب المغربي لعب بطريقة واقعية تستدعي تضافر جهود اللاعبين على أرضية الملعب، في ذات الوقت لا يجب المجازفة والمخاطرة أمام لاعبين كبار، لكن هذا لا يمنع من اللعب بالطريقة التي حقق بها أشياء مبهرة في المونديال الأخير.
وبقراءة في أسماء اللاعبين الشباب الذين التحقوا بالنخبة الوطنية منهم من لا يتجاوز 18 من عمره، يعني "أننا نبني المستقبل ونمنح اللاعبين المعنيين المزيد من الخبرة والثقة والاستفادة من التراكمات الحالية وأجواء المنتخب الإيجابية".
فوز الأسود هو درس في منتهى الروعة، ونموذج مثالي يجب أن تحتذي به جميع منتخباتنا الكروية من الفئات وحتى المنتخب الأول، فلا يوجد كبير في عالم كرة القدم، فالجميع قادر على إحداث التغيير والمفاجآت وتحقيق الانتصارات.
حيث سيبقى الفوز المغربي على البرازيل علامة وذكرى بارزة على مر التاريخ ليس فقط في الكرة المغربية فحسب، وإنما على مستوى الكرة العالمية .
فأهمية الفوز على البرازيل تكمن في عدة نقاط، أهمها تأكيد إنجاز المونديال، وتحسين ترتيب المغرب العالمي بعد التفوق على صاحب المركز الأول، وتكريس ثقافة الفوز على المنتخبات الكبيرة وعدم الخوف من أي منافس مهما كان حجمه.
وبأن الهيمنة المغربية كانت لدرجة أن "البرازيل كان عليها أن تعاني من ضغط الجمهور الذي رافق تيكي تاكا لأسود الأطلس ضد المنتخب المصنف أولًا في ترتيب الفيفا".
بالإضافة إلى التفوق الفني للاعبين المغاربة مثل عز الدين أوناحي، فالبرازيل واجهت فريقًا أقوى وآلة تتحرك بكل أريحية على رقعة الملعب. والأكيد أن السيليساو “أخلف موعد بداية الدورة الجديدة” التي أعلن عنها أثناء إضفاء الطابع الرسمي على هذه المباراة الودية ويبدو أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت لإعادة بناء صفوفه.
انتصر المغرب في جميع جوانب اللعبة، تكتيكيًا وفرديًا، مما سمح لهم بالتحكم في المباراة وتمديد نجاح أسود الأطلس ما بصموا عليه في قطر، مسجلًا أن المغرب أثبت أن خريطة كرة القدم العالمية آخذة في التغير مما يخلق تحديات جديدة لقوى كرة القدم التقليدية. “الأمر لم يعد يتعلق بالمدارس الإيطالية أو الإسبانية أو البريطانية. كرة القدم الحديثة أصبحت معولمة”.
فنقطة قوة هذا الجيل والسبب الرئيسي لنجاح الركراكي في التلاحم هي الروح القتالية والوطنية للدفاع عن سمعة الكرة المغربية والعربية، كما يريد وليد إظهار قدراته الفنية أمام العالم، وإثبات أن كرة القدم لا يحتكرها الأجانب، بل يمكن للعرب إبراز شخصيتهم.
كرة القدم هي صناعة تدر المليارات على اقتصاد البرازيل وأصبح اللاعب البرازيلي سلعه تصدر، وخوفًا من الكساد في ظل التراجع المرعب خلال السنوات الأخيرة، بدأ التفكير بشكل جدي في البرازيل داخل مراكز القرار، مجلس النواب، ووزارة الشباب والرياضة، ووزارة المالية، لوضع قوانين جديدة لإعادة توهج الكرة البرازيلية كأحد المدارس العالمية والداعم والمزود الأول للسوق العالمي للاعبين.
فهزيمة البرازيل عجلت بالتلويح من جديد في التعاقد مع المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي بمنصب المدير الفني للمنتخب البرازيلي. و"من المرجح للغاية أنه سيتولى منصب المدرب، لأنه مدرب استثنائي ومحبوب من الجميع في مجموعة لاعبي البرازيل الذين يحتاجون لرجل لديه مسيرة ناجحة للغاية، فقط لننظر إلى سيرته الذاتية".
وفي الأخير البرازيل تبقى دائمًا البرازيل، رغم كل التقلبات والأزمات لكنها لا تزيدها إلا إصرارًا للعودة السريعة إلى واجهة الظفر بالألقاب وليس ذلك ببعيد على سحرة كرة القدم.