العاشرة سكاوزية..
لا يتسلل إليك القلق عندما تحظى بأكاديمية رائدة مثل ليفربول الإنجليزي، فالمدرب الألماني يورغن كلوب استطاع صقل شباب الأكاديمية واستخراج أفضل ما لديهم وهم الذين ساعدوه قبل أيام في الفوز بكأس الرابطة الإنجليزية للمحترفين على حساب تشيلسي.
إثر سلسلة الإصابات التي عصفت بأعمدة الفريق، أمثال صلاح وسوبوسلاي وجوتا وأليسون وأرنولد ونونيز وغيرهم، لم يُخيّب أطفال أكاديمية النادي الـ(سكاوزي) ظنّ مدربهم، عندما طلب نجدتهم في ويمبلي أمام تشيلسي.
العاشرة سكاوزية!
عزز ليفربول صدارته لأكثر الأندية الفائزة بكأس الرابطة الإنجليزية للمحترفين بواقع 10 ألقاب، وفي اعتقادي أنّ أطفال الأكاديمية لهم الفضل الأكبر في العاشرة، فعندما أطلق الحكم كريس كافاناغ صافرة النهاية، يمكنك رؤية 4 أطفال في أرضية الملعب أنهوا المباراة وهم بوبي كلارك وجايدن دانس وجيمس ماكونيل وجاريل كوانساه.. لا تعرفونهم أليس كذلك؟! ولا أنا أعرفهم، بالكاد أستطيع تمييز اسم كوانساه.
كان بإمكان تشيلسي قتل المباراة وإضافة هدف أو اثنين في الأشواط الإضافية، خاصةً مع هبوط النسق البدني لليفربول، غير أنّ براعة الحارس الأيرلندي الشاب كاومهين كيليهر قد أنقذت ليفربول، مع مساعدة واضحة تمثّلت في رعونة لاعبي تشيلسي أمام المرمى.
بخلاف فان دايك الذي سجّل هدف البطولة، فإن كيليهر هو أفضل لاعب في المباراة بشكل عام، بتصديه لـ9 كرات على مرماه، لقد أمضى كيليهر 5 سنوات في أكاديمية ليفربول، قبل أن يترقّى إلى الفريق الأول عام 2019.. يا له من حارسٍ سكاوزيّ بامتياز! لم يُشعرنا بغياب أليسون!
كيليهر ليس وحده من اتشح بثوب البطولة، فقد لعب الأطفال الأربعة دورًا رئيسًا في تحييد خطورة تشيلسي بعض الشيء وقدّموا مباراةً بدنيةً جيدةً، مقارنةً بشحّ خبراتهم، ويمكن القول إن أداءهم قد أنقذ ليفربول بالفعل من خسارة الكأس، في وقت دفع خلاله المدرب بوكيتينيو بأوراقه الرابحة الهجومية القوية أمثال نكونكو ومادويكي وميخايلو مودريك!
معظم النار من مستصغر الشرر
السكاوزي اسم على مسمّى.. لا نعلم سرًا محددًا لتسمية لهجة أهل ليفربول بالسكاوزية، لكن أغلب المصادر تشير إلى أنّها وجبة للطبقة الفقيرة المعدمة اعتاد البحّارة في المدينة تناولها في رحلاتهم البحرية بالقرن الـ17، فليفربول مدينة ساحلية تطل على نهر الميرسيسايد، الذي يربطهم ببحر أيرلندا، ومنه تنطلق الرحلات التجارية البحرية من ليفربول إلى بقية العالم.
نعلم جميعًا المثل العربي القائل "معظم النار من مستصغر الشرر" الذي لم أجد أفضل منه لوصف حالة ليفربول، فشرر أكاديمية النادي قد أنتج نارًا عظيمة، ربما تفرز لنا في الأسابيع القليلة المقبلة لاعبين أفذاذًا، وكما كانت السكاوز وجبةً لصغار القوم من حيث القيمة المالية، فإنها تترجم لنا اليوم صغار القوم من الناحية العمرية، وهم أطفال الأكاديمية.
في الموسم الأخير لكلوب، ربما لعب القدر -الإصابات- دورًا في تقديم المدرب الألماني إرثًا جميلًا قبل رحيله.. أشهر قليلة تفصلنا عن رؤية كلوب يحيّي الجماهير المحتشدة في ملعب أنفيلد بالدموع.. دموع قد تمتزج بإرث راسخ.
بعد 10 سنوات تقريبًا من تقديم طلب رسمي، أعلنت السلطات البريطانية في 2005 قبول اللهجة السكاوزية ضمن إحدى اللهجات الرسمية المعتمدة للغة الإنجليزية؛ لكن المدّة قد تقل عن ذلك بكثير، للاعتراف بأطفال السكاوز في كرة القدم الإنجليزية!