الاتحاد اليمني وسكوب.. طلاق متوقع!
كان مدرب المنتخب اليمني لكرة القدم، التشيكي ميروسلاف سكوب، في غنى عن ردود أفعال الجماهير اليمنية الغاضبة على المستوى المتواضع الذي ظهر عليه المنتخب في مباراتي سريلانكا، ضمن التصفيات المزدوجة المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026 وكأس آسيا 2027، لولا أنه أوقع نفسه في أخطاء جسيمة لا ينفع معها التبرير.
وصحيح أن المنتخب اليمني تجاوز عقبة الدور التمهيدي بالفوز على سريلانكا ذهابًا في الرياض بثلاثية نظيفة، ثم تعادل إيابًا في كولومبو بهدف لمثله، غير أن المستوى العام للمنتخب في المباراتين لم يكن مقنعًا أو مطمئنًا.
وإذا كان المدرب ميروسلاف سكوب قد وضع نفسه بين مطرقة غضب الجمهور اليمني وسندان امتعاض اتحاد الكرة، فإن المراقبين لأوضاع الكرة اليمنية، يرون في تقديم سكوب كبش فداء وحيدًا لامتصاص الغضب الجماهيري الساطع، تجنيًا وظلمًا للمدرب الذي غامر بتدريب الأحمر اليمني في وضع صعب، لا يحسده عليه إلّا مَن كان ممسكًا بالجمر.
من جانبها، بدأت الجماهير اليمنية المستاءة من عروض المنتخب في الفترة الأخيرة، تصب جام غضبها على سياسات اتحاد الكرة غير المفهومة، التي تأتي على عكس ما تشتهي سفن الواقع.
والثابت في الأمر أن الاتحاد اليمني يسقط دائمًا في المحظور، ولا يقرأ خريطة الواقع بكل عللها وأمراضها، فتأتي قراراته الارتجالية دون حدس مسبق، وكأنها تغرد خارج سرب الواقع المرير الذي يلف الكرة اليمنية منذ ثماني سنوات عجاف.
في تقديري أن الاتحاد اليمني لكرة القدم أخطأ كثيرًا عندما تعاقد مع المدرب التشيكي ميروسلاف سكوب في ديسمبر من العام الماضي لسببين:
السبب الأول يعود إلى أن سكوب نفسه اشترط على اتحاد الكرة ممارسة عمله من خارج اليمن، بينما السبب الثاني هو أن اتحاد الكرة نفسه وافق على هذا الشرط الذي لا يستوعبه عقل، فكان من الطبيعي أن تتحول معسكرات المنتخب إلى سياحة، ما دام اختيار اللاعبين يتم بقرون الاستشعار عن بُعد، وليس عن كثب، ومن الميدان يا حميدان.
ولأن مَن يزرع الريح لا يجنِ سوى العاصفة، فقد انكشف المستور مبكرًا، فحلّت الفوضى غير الخلّاقة والتربصات غير الحميدة محل العمل الجاد والهادف، بدليل أن الطرفين (اتحاد الكرة وسكوب) لم يجدا أرضًا صالحة يمكن أن يلتقيا عليها مجددًا لتصحيح مسار المنتخبات اليمنية.
وفيما يبدو أن النار المستعرة تحت رماد العلاقة بين اتحاد الكرة وسكوب، قد تأججت أكثر، خاصةً بعد مردود المنتخب في مباراتي سريلانكا، فكان -ولا بد- أن يدخل الطرفان مرحلة رد الفعل النهائي.
هذه المرة ووسط غليانٍ إعلاميّ غير مسبوق، لم يجد اتحاد الكرة حرجًا بالتلويح بورقة الإقالة في وجه سكوب، لا سيما وقد بلغت قلوب الجماهير اليمنية الحناجر.
تبدو إقالة اتحاد الكرة اليمني لسكوب رسميًّا مسألة وقت وحسب، ولعل ما يؤخر إعلان الطلاق المبين بين الطرفين، يكمن في حيرة اتحاد الكرة نفسه، فهو لا يريد أن يُقدِم على هذا الخطوة عمليًا إلا بعد الاستقرار على تسمية المدير الفني الجديد.
وبالقطع سيلجأ اتحاد الكرة اليمني إلى إيقاف أسطوانة التعاقد مع مدربين أجانب، ومن دون شك سيكون المدرب الوطني على موعد مع محاولة إصلاح ما أفسده العطّار سكوب.
في هذا الاتجاه لم يبعثر أعضاء اللجنة الفنية باتحاد الكرة اليمني حاسة الحدس، على اعتبار أن اللجنة اختزلت مشوار البحث عن مدرب محلي في أربعة مدربين، سيكون أحدهم مدرب الطوارئ القادم.
ويقف في صف المُفاضََلة المدربون الوطنيون: أمين السنيني ومحمد النفيعي وأحمد علي قاسم ومحمد حسن البعداني، فكيف تبدو حظوظ الرباعي من الناحية المنطقية؟
من دون شك ستنحصر المفاضلة في النهاية بين المدربين؛ الكابتن أمين السنيني والكابتن محمد النفيعي، غير أن الأهم من خيار اللجنة الفنية، هو توجه رئيس اتحاد الكرة اليمني الشيخ أحمد العيسي، الذي يمتلك عصمة القرار في المسائل الشائكة التي تختلف فيها وجهات النظر.
وإذا كان الكابتن أمين السنيني مدرب نادي وحدة صنعاء حاليًا، يرتكز على سيرة ذاتية مثقلة بالنجاحات المحلية، بالإضافة إلى أنه أول وآخر مدرب يمني بلغ معه منتخب اليمن للناشئين نهائيات كأس العالم في فنلندا عام 2003، فإنه يعاني من فتور في علاقته برئيس اتحاد الكرة الشيخ أحمد العيسي.
ومن هذه الزاوية يبدو أن تحمس معظم أعضاء اللجنة الفنية للتعاقد مع المدرب محمد النفيعي، خيارٌ ينسجم تمامًا مع قناعات رئيس اتحاد الكرة، أضِفْ إلى ذلك أن هذا المدرب قدّم الكثير من القناعات بأن التعويل عليه قد يكون خيارًا منطقيًا، بالنظر إلى ما قدمه مع منتخبي الشباب والأولمبي في بطولات قارية سابقة.
ومهما كان اسم المدرب الذي سيقود منتخب اليمن في تصفيات كأس العالم وكأس آسيا القادمتين، فإن الثابت هنا أن صفحة المدرب التشيكي ميروسلاف سكوب قد طويت نهائيًا، وإلى غير رجعة.