أما حان لملاعب إسبانيا أن تتخلص من داء العنصرية الذي ينخرها؟

تحديثات مباشرة
Off
2023-05-22 14:34
البرازيلي فينيسيوس جونيور مهاجم ريال مدريد الإسباني (Twitter-@vinijr)
سعد مبروك كاتب مقالات في winwin
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

"أود التعبير عن تضامني مع لاعبنا البرازيلي "الصبي الفقير" الذي نجح في حياته وأصبح من أفضل لاعبي العالم، وبالتأكيد هو أفضل لاعب في ريال مدريد، وتعرض لهجوم في كل ملعب يلعب فيه. أعتقد أنه من المهم أن يتخذ الفيفا ورابطة الدوري الإسباني ومسابقات الدوري في دول أخرى إجراءات حقيقية لأنه لا يمكن السماح للفاشية والعنصرية بالهيمنة على ملاعب كرة القدم".

بهذه العبارات القاسية جدًا والمؤلمة جدًا والمفعمة بالمرارة والأسى أعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في مؤتمر صحفي على هامش قمة "مجموعة السبع" المنعقدة في هيروشيما باليابان، دعمه لمواطنه فينيسيوس جونيور نجم ريال مدريد والمنتخب البرازيلي، وعن تنديده بما تعرض له اللاعب من إهانات عنصرية بلغت أوجها مساء الأحد 21 مايو/ أيار 2023، صدرت عن جماهير نادي فالنسيا الإسباني داخل الملعب وخارجه، مطالبًا الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) والمسؤولين في الدوريات العالمية بإيقاف العنصرية في الملاعب الرياضية.

ليست هذه المرة الأولى التي يواجه فيها اللاعب البرازيلي عاصفةً من الإهانات العنصرية حيثما حل في ملاعب إسبانيا حين يشارك مع ناديه المدريدي في مباراة تقام خارج الديار. ولكن هذه المرة طفح الكيل مما أثار حفيظة وسخط المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي ليصرح علنًا ودون مواربة بأن الجماهير نعتت فينيسيوس "بالقرد".

إسبانيا كلها وجدت نفسها غداة هذه الحادثة الفظيعة، التي لا يعقل أن تقع ونحن في القرن الحادي والعشرين، في مواجهة عاصفة جديدة من الانتقادات والمواقف المتضامنة مع "الضحية" الصادرة عن أوساط رياضية وسياسية ومجتمعية عدة، وعن رياضيين كثر في العالم كله.

هذه الحادثة المشينة أكدت مجددًا فقامة هذا المرض العضال الذي ينخر بشكلٍ خاص الملاعب الأوروبية وعلى رأسها الملاعب الإسبانية، كما أكدت العجز غير المبرر وغير المسؤول والمرفوض تمامًا في التصدي له ووضع حد نهائي وحازم له ليرحل غير مأسوف عليه وإلى الأبد عن ملاعبنا ومجتمعاتنا.

لم يكن فينيسيوس اللاعب الوحيد الذي يعاني من سيئات هذه الظاهرة المتفشية بشكلٍ رهيب، فكثيرون غيره لاقوا مثل هذه المواقف المخزية والمدانة، إلا أنه أصبح في السنتين الأخيرتين مستهدفًا أكثر من غيره بكم هائل ومتكرر من السباب والكراهية وبسيل جارف من الإهانات العنصرية؛ إذ ينظر القضاء الإسباني في تسع شكاوى تتعلق بهذا النوع من الحوادث التي تعرض لها اللاعب، أبرزها شكوى في محكمة مدينة مايوركا عقب تصوير مشجعين في هذه المدينة وهم بصدد الإساءة للنجم البرازيلي، كما أن الشرطة الإسبانية ما تزال تجري تحقيقات في "جريمة كراهية" ضد فينيسيوس إثر العثور، في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، على دمية مشنوقة علقت على أحد الجسور خارج ملعب ريال مدريد تحمل قميصه رقم 20.

جاء رد فينيسيوس عنيفًا هذه المرة، فقد اعتبر ما حدث قائلًا: "لم تكن المرة الأولى أو الثانية أو الثالثة، العنصرية معتادة في الدوري الإسباني، إدارة المسابقة تعتبرها عادية، الاتحاد الإسباني يعتبرها طبيعية، والمنافسون يشجعونها"، مضيفًا: "كانت البطولة في السابق تنتمي إلى رونالدينيو ورونالدو وكريستيانو وميسي، واليوم تنتمي إلى العنصريين، بلد جميل، رحب بي وأحببته، لكنه تقبل أن يصدر للعالم صورة الدولة العنصرية، أشعر بالأسف تجاه الإسبانيين الذين لا يتفقون معي لكن اليوم في البرازيل أصبحت إسبانيا معروفة كبلد للعنصريين".

رابطة الدوري الإسباني أعلنت أنها ستطلب كل اللقطات المتاحة للتحقيق في هذه الواقعة، مشيرةً إلى أنها ستتخذ الإجراء القانوني المناسب إذا ما حددت وقوع أي جريمة كراهية.

ولسائل أن يسأل: ألم يكن حريًا بالحكم إيقاف المباراة فورًا؟ أليس بوسع الرابطة تسليط عقوبات مالية على الأندية، وخصم نقاط من رصيدها، إلى غير ذلك من العقوبات الرادعة؟ بيد أن قوانين الفيفا باتت تسمح للحكام بإيقاف المباريات في حال وقوع حوادث عنصرية واعتبار الفريق الذي تصدر عن مشجعيه مثل هذه الأعمال خاسرًا.

لا شيء من ذلك كله اتخذته الرابطة الإسبانية. والخوف، كل الخوف، أن يطول ليل التحقيقات، وأن يحزم فينيسيوس جونيور أمره وحقائبه إلى وجهة أخرى غير ريال مدريد وهو القائل عقب الحادثة: "أنا قوي وسأقطع الطريق كله لمناهضة العنصريين حتى إذا كان الطريق بعيدًا".

شارك: