هجرة أدمغة السلة اللبنانية والمنتخب يستعد لآسيا
لطالما كانت كرة السلة اللعبة الجماعية التي يتباهى بمستواها لبنان، ولطالما كانت أيضاً مصدر فرح للشعب اللبناني لكثرة النتائج المبهرة التي حققتها على المستويين العربي والآسيوي مع النادي الرياضي والحكمة "قطبي بيروت" حتى وصلت إلى العالمية عبر وجود المنتخب في بطولة العالم والحكمة في بطولة أندية العالم. اليوم تعاني كسائر الرياضات في لبنان من الآثار المدمرة للأزمة المالية التي تضرب البلاد، بالإضافة إلى أزمة وباء كورونا العالمي من جهة ثانية ليكتمل المشهد الأسود.
تعاني الأندية من هجرة أدمغة اللعبة إلى الخارج وابتعاد الأجانب وبعض من المحليين في رياضة كان ينفق عليها كما لا ينفق على رياضة أخرى في لبنان، بالطبع ليست الأندية وحدها ضحية لهذا المأزق فحتى المنتخب يعاني الأمرين، فالاتحاد يلهث للحصول على إذن خاص عبر كتب توجه إلى وزارة الداخلية من أجل استمرار المنتخب بتدريباته استعداداً للتصفيات الآسيوية، بعد قرار ترحيل البطولة مرة ثانية وإقامتها مطلع العام المقبل، إذن ستحصل عليه بالفعل وستتجنب الانسحاب من التصفيات والعقوبات والغرامات التي كانت ستنزل كحمل إضافي على كاهل اتحاد اللعبة المثقل بالأحمال.
إذا كان هذا حال المنتخب فكيف يمكن تصور واقع اللعبة في لبنان، وهي التي تعيش هجرة من نوع آخر، فصفوة المدربين هم خارج الحدود بعد الأزمة التي أطاحت بسوق الانتقالات، ومن بعده الدوري، وجعلت مهمة تدعيم الصفوف من سابع المستحيلات.
المدرب القدير غسان سركيس وهو أول مدرب عربي يحقق بطولة آسيوية، ويشارك في كأس العالم للأندية يوم كان يدرب الحكمة؛ وجد ضالته في نادي الوحدة السعودي، وتبعه ثعلب المدربين فؤاد أبو شقرا الذي سبق له أن أشرف على الرياضي والحكمة والشانفيل ونادي أهلي جدة، أما مدرب أعرق أندية لبنان النادي الرياضي بيروت أحمد فران فاستقطبه نادي الجهراء الكويتي، فيما بات مدرب المتحد طرابلس مروان خليل في المنامة، ويقول المراقبون هنا إن هؤلاء الذين درّبوا أقوى الأندية في لبنان، واقترن اسمهم بالإنجازات المحلية والقارية ليسوا سوى دفعة أولى على الطريق.
باتريك سابا : الانجازات لم تتحقق إلا عبر المحلّيين
وفي مقابلة حصرية مع موقع winwin يسلط المدرب الوطني باتريك سابا الضوء أكثر على هذه القضية، سابا الذي كان مدربا لنادي هومنتمن في الموسم الأخير قبل التوقف يقول إن هناك أندية عديدة محلية في مقدمتها هوبس وكذلك خارجية لم يكشف عنها تجري اتصالات معه من أجل الإشراف على فرقها.. ويتمنى سابا أن تقام البطولة في موعدها الجديد لكي لا يضطر لمغادرة لبنان وترك عائلته في هذه الفترة العصيبة.
ويضيف سابا الذي كان من أبرز اللاعبين المحليين في تسعينيات القرن الماضي، أن هذه الهجرة القسرية سيكون لها الوقع الثقيل على اللعبة رقم واحد في لبنان، خاصةً أن من تركوا السلة اللبنانية مشهود لهم بالخبرة والكفاءة، ويكفي أن البطولات المحلية والخارجية للبنان لم تتحقق إلا على أيدي المدربين اللبنانيين.
سابا الذي درب الصغار والكبار في المدارس والجامعات في مختلف الفئات العمرية من الجنسين يبدي أسفه على واقع هذه اللعبة، ويؤكد أنها مهددة الآن في الصميم، وعلى الرغم من ذلك يردد دائما أن الأولوية هي للبقاء وللأندية المحلية، بانتظار أن ينطلق قطار الدوري في عام جديد بأمل جديد.
أزمة الأندية وهجرة المدربين توأمان لواقع مرير تعيشه كرة السلة اللبنانية التي تبارى ناديان من أقطابها يوما، وهما الحكمة والرياضي في نهائي لبناني، لا أحد يدري كيف سيكون شكل البطولة المقبلة إذا كتب لها أن تبصر النور وهي التي كانت الأقوى في المنطقة ومن الأفضل آسيوياً.. إنها بطولة تخرج المواهب ولا تنضب.