عام استثنائي للعرب في الألعاب الأولمبية وإنجاز تاريخي
شهد العام 2024 نجاحًا لافتًا للرياضة العربية في دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها العاصمة الفرنسية باريس، بين شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، بمشاركة ما يزيد عن 10 آلاف رياضي من 204 دول، تنافسوا في 32 رياضة مختلفة.
وعلى الرغم من أن الحصيلة الإجمالية للميداليات العربية والتي بلغت 17 ميدالية، لم تتجاوز إجمالي ما حققه الرياضيون العرب في النسخة السابقة في طوكيو، إلا أن التميز جاء من خلال الميداليات الذهبية، التي وصلت إلى سبع في نسخة واحدة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ المشاركات العربية.
ذهبيتان جزائريتان
لم يكن بريق الميداليات الذهبية في الألعاب الأولمبية هو وحده ما ميّز الحصيلة العربية، بل إن الرياضات التي تحققت من خلالها هذه الميداليات شكّل حالة فريدة من نوعها، بالنظر إلى أن بعضًا منها تحقق من خلال ألعاب لم يعتد العرب على التألق فيها أو تحقيق الإنجازات من خلالها.
وحققت الجزائر ميداليتين ذهبيتين للمرة الأولى في نسخة واحدة، منذ أن فعلتها في أولمبياد أتلانتا 1996 حين توج العداء نور الدين مرسلي والملاكم حسين سلطاني.
الذهبية الجزائرية الأولى في باريس جاءت عبر رياضة الجمباز من خلال البطلة كيليا نمور البالغة من العمر 17 عامًا، التي تفوقت في منافسات العارضتين، لتمنح العرب وأفريقيا أول ميدالية على الإطلاق في منافسات الجمباز الأولمبية.
أما الذهبية الثانية للجزائر فكانت عن طريق الملاكمة إيمان خليف (وزن 66 كلغ)، التي نجحت في الرد على حملة التشكيك والهجوم التي طالتها من وسائل الإعلام العالمية، وكذلك من الاتحاد العالمي للملاكمة، بعد أن فازت وبإجماع الحكام على الصينية يانغ ليو، لتحقق الميدالية الذهبية وتمنح بلادها سابع ميدالية ذهبية أولمبية عبر التاريخ، ولتتصدر صورتها ودموعها أغلفة الصحف في كل أنحاء العالم بعد ذلك.
ميداليات متنوعة في أم الألعاب
وكالعادة، كانت الحصيلة الأكبر للعرب في الألعاب الأولمبية الباريسية من خلال أم الألعاب (ألعاب القوى)، فحققت البحرينية وينفريد يافي ذهبية سباق 3 آلاف متر موانع، محطمة الرقم القياسي الأولمبي السابق المسجل باسم الروسية غولنارا سمميتوفا غالكينا منذ أولمبياد بكين 2008، وزادت يافي سرعتها في الأمتار الأخيرة، لتعبر خط النهاية بزمن 8 دقائق و52 ثانية و76 جزءًا من الثانية.
من جهته، حقق المغربي سفيان البقالي إنجازًا لم يتكرر في الألعاب الأولمبية منذ 88 عامًا، عندما احتفظ بذهبية سباق 3 آلاف متر موانع، مانحًا بلاده الذهبية الوحيدة في ألعاب باريس.
كما فازت البحرينية سلوى عيد ناصر بفضية سباق 400م للسيدات، فيما حقق الجزائري جمال سجاني برونزية سباق 800م، ليهدي بلاده الميدالية العاشرة في ألعاب القوى من أصل 20 ميدالية في تاريخ مشاركاتها الأولمبية.
أما الميدالية السادسة في ألعاب القوى ضمن الألعاب الأولمبية، فكانت برونزية القطري معتز برشم الذي وصل إلى 4 ميداليات أولمبية من أصل تسع ميداليات في تاريخ قطر.
وسبق لبرشم البالغ من العمر 33 عامًا الفوز بالميدالية الفضية في أولمبيادي لندن وريو، قبل أن يعتلي منصة التتويج في طوكيو محققًا الذهبية، وليدخل التاريخ لكونه أول رياضي عربي يحقق أربع ميداليات في أربع دورات أولمبية متتالية.
الألعاب الأولمبية 2024 تقدّم برونزية تاريخية بوزن الذهب
بالرغم من أن الذهب يبقى المعدن الأكثر بريقًا في الألعاب الأولمبية، إلا أن الميدالية البرونزية التي حققها المنتخب المغربي لكرة القدم كانت بلون الذهب، حيث أصبح منتخب "أسود الأطلس" أول فريق عربي ينال ميدالية في لعبة جماعية في تاريخ الألعاب الأولمبية.
وقدم منتخب المغرب مستويات رائعة في أولمبياد باريس، ونجح في الوصول إلى نصف النهائي، بعد أن تصدر مجموعته التي ضمت كلًّا من الأرجنتين وأوكرانيا والعراق، قبل أن يتغلب على الولايات المتحدة برباعية في ربع النهائي، ويخسر بصعوبة أمام إسبانيا (2-1) في نصف النهائي، ليفوز على منتخب مصر في مباراة المركزين الثالث والرابع بنصف دستة من الأهداف.
وتصدر المغربي سفيان رحيمي قائمة الهدافين برصيد 8 أهداف، وليصبح أول لاعب يسجل في كل مباريات منتخب بلاده الست في نسخة واحدة.
7 بلدان عربية سجلت اسمها على اللائحة
في المجمل، تمكنت سبع بلدان عربية من تسجيل اسمها على لائحة الميداليات في باريس 2024، فتصدرت البحرين برصيد ذهبيتين (الذهبية الثانية كانت من نصيب أحمد تاوزدينوف في المصارعة وزن 97 كلغ)، وفضية وبرونزية.
بينما حلت الجزائر بالمركز الثاني بذهبيتين وبرونزية، وجاءت تونس بالمركز الثالث بذهبية وفضية وبرونزية، وكانت الميدالية الذهبية من نصيب فراس قطوسي في منافسات التايكواندو وزن 80 كلغ، فيما كانت الفضية عن طريق فارس فرجاني في المبارزة، علمًا أن هذه الميدالية كانت أول ميدالية للعرب في أولمبياد باريس.
ومثل تونس تمكنت مصر من حصد ذهبية وفضية وبرونزية، وجاءت الذهبية المصرية عن طريق أحمد الجندي في منافسات الفردي للخماسي الحديث، أما الفضية فكانت من نصيب الرباعة سارة سمير في وزن 81 كلغ لتحسن من ميداليتها البرونزية التي حققتها في ريو 2016.
وجاءت المغرب بالمركز الخامس بذهبية وبرونزية، ثم الأردن التي حققت ميدالية فضية في منافسات التايكواندو، لتكون هذه ثالث ميدالية للأردن في رياضة التايكواندو، بعد كل من أحمد أبو غوش (ذهبية ريو 2016) وصالح الشرباتي (فضية طوكيو 2020)، وجاءت قطر في المركز السابع من خلال برونزية واحدة عن طريق معتز برشم.