ميار شريف.. فتاة أظهرت شغف المصريين بتنس السيدات
بينما تفرغ جل المصريين المُهتمين بالشأن الرياضي للحديث عن استعادة فريق الزمالك لمديره الفني الأسبق، جايمي باتشيكو، وبينما أفردت الصحف والمواقع الرياضية مساحات واسعة لتغطية مستجدات المشهد الأهلاوي، وما به من ضبابية مُتعلقة باقتراب رحيل المدرب السويسري رينيه فايلر، كانت ميار شريف، بنت الـ 24، تستعد لخوض مباراتها الأولى بملعب "فيليب شاترييه"، وهو الأكبر والأكثر صخبا في مجمع "رولان غاروس" الشهير.
بداية الحدث كانت مع تجاوز ميار للاعبة الكولومبية ماريا سيرانو، بواقع مجموعتين نظيفتين، في أول الأدوار الإقصائية المؤهلة للقرعة الرئيسية في بطولة فرنسا المفتوحة للتنس "رولان غاروس"، ثالث وآخر البطولات الكبرى على الملاعب الصلبة لهذا العام.
حينها، استشرى الخبر كالنار في الهشيم، احتفاءً من المجتمع الرياضي المصري بما أنجزته ميار، التي أصبحت، عقب هذا الانتصار، أول مصرية تفوز بمباراةٍ منطوية إلى بطولة كبرى برياضة التنس، قبل أن تؤكد جدارتها بتحقيق انتصارين إضافيين، على حساب الأمريكية كاتي مكنالي والإيطالية جوليا غاتو-مونتيكوني.
نجحت ميار في حجز مقعدها بالدور الرئيسي الأول لبطولة فرنسا المفتوحة، وقد حققت ذلك عبر 3 انتصارات، في تصفيات لم تفقد خلالها مجموعة واحدة.
أوقعت قرعة الدور الأول لمنافسات رولان غاروس ميار شريف في مواجهة جد معقدة؛ إذ اصطدمت بالتشيكية كارولينا بليشكوفا، المصنفة الرابعة عالميا والثانية في البطولة، والتي سبق لها خوض نهائي فرنسا عام 2017 وبلغت المباراة النهائية لأمريكا المفتوحة "فلاشينغ ميدوز" عام 2016.
لم تملك ميار حظا كبيرا في القرعة الرئيسية لجدول السيدات، فمواجهة التشيكية وخبراتها الطويلة، مثلت عقبة كبيرة أمام طموحات الشابة المصرية، التي تلقت التعليم الجامعي في الولايات المتحدة الأمريكية وتتدرب بصورةٍ دائمة في إسبانيا، وإن زاد الأمر من بريق إنجازها، فالكل بات متحمسا لرؤية تلك المباراة المُنتظرة بين "فتاة مصر الذهبية"، كما تلقب، وبليشكوفا، التي سبق لها تصدر التصنيف العالمي الصادر عن رابطة اللاعبات المحترفات في شهر يوليو (تموز) 2017.
استيقظ المصريون، صبيحة اليوم الثلاثاء، على وقع مواجهة ميار لبليشكوفا، وقد زاد قدر شغفهم بالمواجهة بتوالي فوز اللاعبة المصرية بالنقاط وحسمها للمجموعة الأولى، عقب التفوق في شوط كسر التعادل.
نعم، خسرت ميار المباراة بمجموعة لاثنتين، لكنها دافعت عن حظوظها وآمال المصريين المعلقة على عاتقها إلى النهاية، حتى سددت بليشكوفا إرسالا ساحقا حسمت به الأمور لصالحها، بعد ثوان ملأ التصفيق مقاعد معدودة في مدرجات "فيليب شاترييه"، تحيةً لجهود مضنية بذلتها نجمتنا المصرية الواعدة.
ظهرت ميار كبطلة حقيقية في ملاعب "رولان جاروس"، مُكررة إنجاز المصري محمد صفوت، الذي خاض الدور الرئيسي الأول للبطولات الكبرى "جراند سلام" 3 مرات مختلفة، ظهرت وعلى وجهها ما يمكن نعته بالرغبة الحقيقية في تجاوز ذلك، وقد كانت قريبة بالفعل.
نعم، خسرت ميار، لكنها منحتنا أملا في كونها قادرة على المضي قدما، وتكرار تجربة التونسية أنس جابر، التي تأهلت للتو إلى الدور الثانية في فرنسا المفتوحة، وتحتل حاليا المركز الخامس والثلاثين في تصنيف اللاعبات المحترفات.
خسرت ميار، لكنها فازت بذكرى ستظل محفورة في أذهاننا، حتى تعود نفسها وتحقق إنجازا أكبر... لما لا؟